عائلة سورية لاجئة هربت من جحيم الحرب وأصبحت مثالاً للنجاح في كندا

عائلة سورية لاجئة هربت من جحيم الحرب وأصبحت مثالاً للنجاح في كندا

وضعت عائلة سورية لاجئة تمتهن صناعة الحلويات، بصمة مميزة في كندا بعد فرارها من جحيم الحرب والنزاع في بلادها عندما تحول عائلها من مُهاجر فاقد للأمل إلى رائد أعمال ناجح وصاحب علامة خاصة في صنع الشوكولاتة يُحتفى به بعد افتتاح متجر في البلاد يحمل اسم “السلام عبر الشوكولا”، وفق ما نشرت صحيفة "ناشونال بوست".

في ثمانينيات القرن الماضي عندما تخلى والد طارق، عصام حداد، عن الهندسة المدنية وبدأ بتجربة الشوكولاتة في مطبخ والدته، تعلم كيفية التخمير، وبحث عن الاختلافات الثقافية في الوصفات، وفي النهاية أصبح رائدًا في صناعة الشوكولاتة المحلية السورية.

التقى حدادُ الأب والدةَ طارق عندما باع لها علبة شوكولاتة بداخلها ملاحظة: “اسمي عصام. أنا لا أصنع الشوكولاتة.. أنا أصنع السعادة”، كانت خطوة رومانسية، وخاصة في يوم عيد الحب، ومن ثم تزوجا وأصبح لديهما سبعة أطفال.

بحلول الوقت الذي بدأت فيه الحرب الأهلية في سوريا نحو عام 2011، كان لدى مؤسسة "حداد للشوكولاتة" متجران ومصنع موسع مكون من خمسة طوابق يضم مئات الموظفين.

كان طارق يتدرب ليصبح طبيباً، في وقت مبكر من دراسته وهو يحلم بأن يصبح جراح قلب، عندما تم قصف مصنع والده في غارة جوية، كان هناك ما يكفي من التحذير من عدم مقتل أحد، لكن بالنسبة لعائلة حداد، حان وقت الفرار، لقد فقدوا منزلهم، وقتل أقاربهم أو زج بهم في السجون، مكثوا ثلاثة أشهر أخرى لمساعدة الآخرين قدر استطاعتهم، لكن بعد أن كاد طارق وشقيقه يقتلان بقذيفة هاون، غادرا في مارس 2013 إلى بيروت دون أي شيء تقريبًا، متوقعين العودة.

يقول طارق: "ولكن سارت تلك الرحلة في اتجاه مختلف تمامًا”، لتبدأ قصة جديدة للنجاح في الغرب الأمريكي انطلاقا من كندا.

وتمكّن طارق بمجرد وصوله إلى كندا، وبمساعدة كبيرة من سكان أنتيغونيش بمقاطعة نوفا سكوشا المطلة على المحيط الأطلسي جنوب شرق كندا، من إعادة إرث عائلته وتأسيس مصنع "سلام عبر الشوكولا"، حيث افتتح المتجر الرئيسي في هاليفاكس عام 2021 الذي يعمل به 77 شخصًا، منهم نحو 12 من لاجئي الحرب الأوكرانيين. 

بيئة تحفيزية

ولفت طارق إلى أن منتجات شركته يتم بيعها حالياً في نحو ألف متجر في جميع أنحاء كندا، ويرجع الفضل في ذلك جزئياً إلى إبرامه صفقة مع شركة تجارية معروفة تمتلك سلاسل أسواق كبرى في البلاد.

وقال إن بناء مشروع في كندا أسهل بكثير منه في سوريا، مضيفاً أن والده استغرق نحو 10 سنوات لتأسيس الشركة في دمشق، لكنه تمكّن من ذلك في كندا في غضون شهر تقريباً.

وأثنى طارق على البيئة التحفيزية في كندا والتي تساعد على إنشاء أعمال تجارية ناجحة، من أهمها سهولة الوصول إلى أموال المستثمرين ودعم المجتمع للمهاجرين.

بحسب طارق، يعيش نحو 200 سوري يعيشون حالياً في أنتيغونيش، معظمهم يعملون في "سلام عبر الشوكولا" وانضم إليهم مؤخراً عشرات اللاجئين الأوكرانيين.

ويشارك طارق بين فترة وأخرى في تجمعات بجميع أنحاء كندا ويلتقي مسؤولي الحكومات المحلية ويُدلي بشهادات أمام اللجان التشريعية حول الهجرة. 

لغة عالمية ورمز للتسامح

يقول حداد: “الشوكولاتة لغة عالمية.. لا يقتصر الأمر على كونها طعامًا شهيًا.. فالجبن لذيذ، والحلوى جميلة، لكن الشوكولاتة فقط هي التي تعني شيئًا أكثر”. 

مضيفا: “إنها فخامة ورمز للاحتفال، يمكن أن تكون تعبيرًا عن الحب الرومانسي أو رمزًا للتسامح، يعرف الناس ما تعنيه الشوكولاتة، حتى عندما لا يفهمون بعضهم البعض حقًا بعد، فهي تشبه موسيقى مليئة بالعاطفة ولكنها غير مرتبطة بأي لغة معينة".

رئيس الوزراء يثني عليه

والعام الماضي، نشر رئيس الوزراء الكندي مقطع فيديو هنّأ فيه اللاجئ السوري بعيد ميلاده وتمنى له التوفيق في حياته، كما شكره على كل ما يفعله للمجتمع والبلاد، قائلاً: "لقد ألهمَتنا جميعاً قصة مثابرتك وتصميمك ومرونتك".

وتم عرض فيلم يستند إلى قصة العائلة عبر الإنترنت من خلال مهرجان تريبيكا السينمائي الذي يقوم ببطولته أيهم أبو عمار في دور طارق، ويشارك فيه الممثل والمخرج السوري الراحل حاتم علي الذي يلعب دور والد طارق.

يُذكر أن ملايين السوريين غادروا البلاد ولجؤوا إلى دول الجوار وأوروبا وأمريكا هرباً من الحرب والنزاع في حين تفوّق الكثير منهم في العديد من المجالات واحتفت بهم الصحف الغربية مشيدة بإنجازاتهم على الصعيد الثقافي، والعلمي، والاقتصادي.
 


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية